الهدف
أظهرت الأدبيّات شبه غياب لثقافة البحث وإنتاج المعرفة في العالم العربيّ وما ينتج عنها من فقر في النتاج العلميّ البحثيّ الموثوق، وفي الحلول للمشكلات الملحّة عند الممارس المهنيّ كي يواجه تحدّيات عمله ويؤدّي الدور المنوط به في مؤسّسته التربويّة وفي تنمية مجتمعه (The Broken Cycle, 2014; El Amine, 2009). يضاف لهذا الواقع حالة من الإقتباس الأعمى للمفاهيم والممارسات التربويّة السائدة في العالم الغربيّ دون التمعّن بمدى موآئمتها للسياق العربيّ وأولويّات التربويّين فيه. تطرح هذه الورقة تجربة مشروع تمام كمختبر بحثيّ يجمع البحث بالتطوير بهدف إنتاج معرفة مجذّرة في سياق المدرسة العربيّة وبيئتها الإجتماعيّة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيّة السياق ومؤسّساته التربويّة وتلبّي متطلّبات الإصلاح التربويّ والتنمية المجتمعيّة. وتوضّح التحدّيات والدروس المستفادة من استخدام البحث الإجرائيّ من أجل تصميم نموذج برنامج تطويريّ مبنيّ على البحث (Research based design) وعلى الخبرة المكتسبة من المؤسّسات التربويّة التي شاركت في المشروع.
الإطار المفاهيميّ
ربطت الدراسات تمكين المُمارس والمؤسّسة التربويّة ((Fullan, 2009; Lambert et.al., 2016 لقيادة التجديد وإعداده للعب دور فاعل في المبادرات التطويريّة و لإدراج ما يأتي به من تجديد ضمن المنظومة المؤسّساتيّة (Calvert, 2016; Hallinger, 2011; Lambert; 2007 ). كما اتّفق الباحثون التربويّون على أنّ مهارات البحث الإجرائيّ تحمل في طيّاتها قيماً مهنيّة من شأنها أن تحوّل المعلّم إلى فاعل اجتماعي يعتبر خدمة طلّابه سبيلاً إلى إنماء مجتمعه McNiff, 2002)). أنشئ تمام بناء على هذه الأسس ليكون مختبر بحثيّ ينتج المعرفة التي تنبع من تفاعل الباحث مع الممارس ليكون إنتاج المعرفة لصالح هذا المُمارس www.tamamproject.com)).
المنهجيّة المتّبعة
استُخدم البحث الإجرائيّ التعاونيّ (Sagor, 2010; McNiff, 2002) ومنهجيّة النظريّة المجذّرة(Grounded Theory) (Charmaz, 2014) لإيجاد حلول مستندة للأدبيّات العالميّة ولكنّها نابعة من التجربة ومجذّرة بالسياق العربي تفادياً للاقتباس الذي لا يراعي السياق الثقافيّ (Hofstede, 2005; Dimmock, 2012). لذا وبناءً على هذه المنهجيّة، قام الفريق الموجّه باستطلاع تحدّيات عمليّة التطوير التربويّ Karami-Akkary et.al, 2014)) ثمّ استكشاف الحلول المناسبة ووضع نموذج أوليّ لبرنامج إعداد وبناء القدرات القياديّة للمعلّم ليكون عنصر تغيير وتطوير في المؤسّسة التربويّة.
النتائج/ الدروس المُستفادة
دلّت النتائج الأوليّة في تمام على أنّ البحث الاجرائيّ التعاونيّ آليّة فعّالة ضمن الثقافة البحثيّة السائدة لإرساء دعائم المجتمع العلميّ البحثيّ التربويّ انطلاقاً من مبادرات بحثيّة تعاونيّة تجمع الأخصّائيّين حول حلّ مشكلات و تجاوز تحدّيات التطوير التربويّ. كما أبرزت هذه التجربة ضرورة تغيّر المنحى الفكريّ بين الباحثين فيما يتعلّق بالأبحاث الإجرائيّة وقدرتها على إنتاج المعرفة و كسر حاجز تفرّد الأكاديميّين بعمليّة البحث وإنتاج المعرفة المُمنهجة التي تخدم الممارسة ووضع السّياسات التربويّة. يسعى الفريق الموجّه في المرحلة القادمة للتركيز على ما يلي: (1) الاستمرار بالأبحاث التجريبيّة لتقييم ودراسة مسار برامج التدريب بسياقات مختلفة وذلك لتجذير هذه البرامج؛ (2) استطلاع توسيع نطاق برامج التدريب ليشمل المهارات اللازمة للتربويّين لفهم عناصر السياق الثقافيّ الاجتماعيّ الخاصّ بمدارسهم و لبناء شراكة مع مجتمعهم المحليّ.
ارتباطها بمواضيع المؤتمر
يرتبط موضوع هذه الدراسة بمحور المؤتمر التالي:”دور صانعو السّياسات التربويّة والباحثون والممارسون في دفع عجلة التطوير التربويّ“The role of policy makers, researchers and practitioners in promoting educational change”. يقدّم مشروع تمام طروحات رائدة في مجال التطوير التربويّ في الوطن العربيّ لاسيما فيما يتعلّق بدور البحث في تفعيل التطوير التربويّ وزيادة فعاليّة المبادرات الإصلاحيّة. بالإضافة إلى فتح باب الحوار حول استخدام البحث الإجرائيّ التشاركيّ. تقدّم هذه الدراسة دعوة لاختبار فعاليّة التجربة في سياقات إضافيّة لتعميم أثرها على السياسات التربويّة وعلى بناء قاعدة معرفيّة مجذّرة حول التطوير التربويّ المستند إلى المدرسة في البلدان العربيّة.
بناء القدرات القياديّة عند المعلّمين Teacher Leadership من أجل تحقيق التطوير المُستدام في المدرسة ضمن السّياق العربيّ – 2018
د. ريما كرامي عكاري (تموز\يوليو 2018). عرض في المؤتمر السنويّ للقيادة التربويّة في المملكة المتّحدة- the British Educational Leadership, Management Association (BELMAS) Annual Conference
ملخّص:
أظهرت التغيُّرات في المنطقة العربية خلال العقد الأخير مظاهر الرفض لدى الشباب من الوضع الراهن وواقع الاستبعاد من الحياة العامة والمشاركة في واقعهم المباشر بصورة عامة. وفي المدارس بصورة خاصة لم يكن وضع الشباب مختلفًا، وبرزت توجُّهات متزايدة لإدماج الطلاب ومشاركتهم في مختلف جوانب الحياة المدرسية كمساهمين نشطين يمكنهم تشكيل عملية التدريس والتعلم. وتهدف هذه الدراسة إلى تقديم نظرة منهجية حول ممارسات القيادة الطلابية في سياق مشروع بحث عملي تعاوني في مدرسة حكومية لبنانية تشارك في مشروع بحث وتطوير جامعي لتحسين المدرسة.
وتستعرض الدراسة في مضامينها ما يلي:
(1) فحص الطبيعة الحالية لأنشطة القيادة الطلابية في هذه المدرسة ضمن سياق سياستها الوطنية.
(2) مناقشة التحديات التي تعيق تكامل أنشطة القيادة الطلابية في المدرسة
(3) وصف برنامج سياقي لـتطوير القيادة الطلابية ضمن شراكة بحثية بين المدرسة والجامعة.
وخلصت الدراسة إلى أن الطلاب ليس لديهم رأي في المدرسة، لا سيما في العمليات التي تؤثر على واقعهم المباشر. ولا يشاركون بنشاط كشركاء في عملية التعليم والتعلم وتحسينها، بل نجدهم بصورة المستفيدين من جهود المدرسة وحسب من خلال الجهود المبذولة لخلق فرص للتعلم النشط والأنشطة الإضافية والمشتركة في المناهج الدراسية. إلى جانب بعض التحديات من أجل دمج أنشطة القيادة الطلابية في هذه المدرسة ومن أبرزها: الهياكل المدرسية التقليدية والهرمية، وضغوط المساءلة والمطالب، والوقت والحد من الافتراضات حول الطلاب وقدراتهم، ومن خلال البحث الإجرائي التعاوني قام فريق تطوير المدرسة بتطوير وتنفيذ خطة تحسين لدمج أنشطة القيادة الطلابية.